لطالما بحثت في وطني عن السيادة، وجلت مطوّلا في ثنايا بيروت، ألتقط الأحوال الاقتصادية والسياسة وأرصد التحركات الأمنية والعسكرية، وأعود الى سريري فارغا من الأجوبة، ممتلئا بالتساؤلات
هل كان يوما لبنان سيّدا؟ تراه كيف كان؟
أحمل أوراقي وحبري وعينيّ وأعلو بها نحو السماء، تصرخ الشمس في وجهي لأعود أرضا، ولولا اسنانها الصفراء الشاحبة لكنت ارتقيت نحو فردوس السلام الابدي
تختلف سماء بيروت عن أرضها، لا تسرق الطيور استقلالك، بل تعرض عليك امتطاء اجنحتها من بيروت نحو البقاع دون أن تصفع مؤخرتك تعرجات الطرقات وتتشبث بك سجائر الراكبين
أبحث عن لبنان السيّد في علب الحليب التي تحمل علم سوريا، في دفاتر الطلاب وأوراقها الصينية، وفي أغلفة الملابس المطرّزة بحرير إسطنبول
أبحث عن لبنان السيّد بين كلمات المغتربين وبكاء المهاجرين، فأجد كل البلدان والكلمات ولا أجد لبنان. أبحث عنه في قصور السياسيين، أراه علما ممزقا يستر الإعلام تمزق أنسجته. وأبحث عنه في مزارع شبعا، أراه مزارعا اغتصبت أرضه، وأبحث عنه في دفاتر جبران ورسائله لمي، أراه رساما حزينا مغترب
أزور دكان الضيعة وأبتاع أحد أحفاد جدنا غندور، أنقذ نفسي به. أعود إلى منزلي ملقيا أوراقي وحبري جانبا، أهاتف صديقي لقضاء ليلة الميلاد سويا، أشكر أمي على حسائها اللذيذ وأعتذر من أخي الصغير، لست في وقت يسمح لي بمسايرة الرياضيات ومسائلها، فليكشف المجهول عن نفسه
لا أعلم عن أية سيادة تتحدثون، كيف يجب أن تكون أو من تكون وأين أجدها، سأصنع للبناني سيادة في قلبي
بقلم نادين عرندس
بدأت الكتابة منذ عمر ١١ سنة. تدرس علم النفس في الجامعة اللبنانية في صيدا